أشار الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إلى أن الحكومة المصرية تمكنت من تأمين التزامات تمويلية تغطي احتياجاتها حتى يناير 2026، وذلك بالرغم من الفجوة التمويلية التي أعلنها صندوق النقد الدولي، حيث شملت هذه الالتزامات 5 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي واستثمارات ضخمة من مستثمرين إماراتيين وسعوديين، مما يعكس قدرة الحكومة على إدارة الأوضاع الاقتصادية بشكل فعّال ويعزز من مؤشرات النمو والانتعاش الاقتصادي في مصر، وهو ما يستدعي وضع خطة وطنية واضحة لتحقيق التنمية المستدامة وتقليل عجز الموازنة في المستقبل القريب.
الاتفاقيات الاقتصادية لمصر مع صندوق النقد الدولي
قال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الحكومة المصرية أبرمت ثلاث اتفاقيات مع صندوق النقد الدولي في أعوام 2016 و2019، والأخيرة كانت في ديسمبر 2022 بقيمة 8 مليارات دولار، وقد حصلت مصر على أربع شرائح بعد مراجعات اقتصادية متتالية، وتأجلت المراجعة الخامسة لتنضم إلى السادسة في بداية الربع الأخير من 2025، مما يعكس التحديات التي تواجهها الحكومة في تحقيق الاستقرار المالي.
التزامات الحكومة المصرية والتمويلات الخارجية
أضاف الدكتور عبد المنعم السيد، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، أنه رغم إعلان صندوق النقد عن فجوة تمويلية تبلغ 5.8 مليار دولار في 2025/2026 مقابل 11.4 مليار في 2024/2025، إلا أن الحكومة المصرية استطاعت تأمين التزامات تمويلية تغطي احتياجاتها حتى يناير 2026، حيث تشمل هذه التمويلات 5 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي وصفقة استثمار "مراسي ريد سي" بنحو 900 مليار جنيه (18 مليار دولار) مع مستثمرين إماراتيين وسعوديين، بالإضافة إلى اتفاقيات مبادلة الديون مع دول عربية لتقليل الدين الخارجي.
تحسين المؤشرات الاقتصادية
وأوضح الدكتور عبد المنعم السيد أن المؤشرات الاقتصادية لمصر شهدت تحسناً ملحوظاً، حيث انخفض التضخم في أغسطس إلى 10.5% وتجاوز النمو 3.6%، مما يجعل من الضروري الخروج التدريجي من عباءة صندوق النقد عند انتهاء الاتفاقية في نوفمبر 2026، مع الإفصاح عن نتائج الإصلاحات وبلورة خطة وطنية لتحسين الخدمات وتحقيق التنمية المستدامة، ويجب دراسة توجيهات الصندوق بعناية، حيث إن زيادة أسعار المحروقات قد ترفع التضخم بنسبة 2 إلى 3%، في حين أن طرح الشركات في البورصة يتطلب تقييمًا حقيقيًا للأصول لتفادي البيع بأقل من قيمتها.
إدارة الاتفاقيات بشكل احترافي
أكد الدكتور عبد المنعم السيد أن مصر تحتاج إلى إدارة الاتفاق الحالي باحترافية، مع تحديد أهداف واضحة دون تمديد جديد أو ضغوط إضافية على المواطن، خاصة في الأسعار، ويمكن التفكير في تقليص الاتفاق الأخير من 8 إلى 5 مليارات دولار، وأشار إلى عوامل تساعد مصر على الوفاء بالتزاماتها مثل زيادة حصيلة السياحة إلى 16.7 مليار دولار، وتحويلات العاملين بالخارج إلى 36.5 مليار دولار، وعودة إيرادات قناة السويس للارتفاع وزيادة الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، مع احتياطي نقدي بلغ 49.13 مليار دولار.
الحاجة لخطة اقتصادية وطنية مستدامة
ذكر الدكتور عبد المنعم السيد أن المرحلة القادمة تتطلب خطة اقتصادية وطنية مستدامة لتقليل عجز الموازنة والدين العام وتحقيق النمو والعدالة الاجتماعية، وتمثل "السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية" الإطار الاستراتيجي لتحقيق التوازن بين الاستقرار ومتطلبات المواطن، ويتطلب ذلك وضوح الرؤية وتماسك السياسات والإرادة السياسية القوية، بالإضافة إلى المشاركة الفاعلة من المجتمع والقطاع الخاص لإعادة صياغة نموذج اقتصادي يخدم أهداف مصر الوطنية.
التعليقات